الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
.تفسير الآيات (14- 18): .شرح الكلمات: {قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا}: أي قل لهم إنكم ما آمنتم بعد ولكن قولوا أسلمنا أي استسلمنا وانقدنا. {ولما يدخل الإِيمان في قلوبكم}: أي ولما يدخل الإِيمان بعد في قلوبكم ولكنه يتوقع له الدخول. {وإن تطيعوا الله ورسوله}: أي في الإِيمان والقيام بالفرائض واجتناب المحارم. {لا يلتكم من أعمالكم شيئا}: أي لا ينقصكم من ثواب أعمالكم شيئا. {إن الله غفور رحيم}: أي غفور للمؤمنين رحيم بهم إن هم صدقوا في إيمانهم. {إنما المؤمنون}: أي حق وصدقا لا ادعاء ونطقا هم. {الذين آمنوا بالله ورسوله}: أي بالله ربا وإلها وبالرسول محمد نبيا ورسولا. {ثم لم يرتابوا}: أي لم يشكوا فيما آمنوا به. {وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله}: أي جاهدوا مع رسول الله أعداء الله وهم الكافرون بأموالهم وأنفسهم. {أولئك هم الصادقون}: أي في إيمانهم لا الذين قالوا آمنا بألسنتهم واستسلموا ظاهراً ولم يسلموا باطناً. {قل أتعلمون الله بدينكم}: أي قل لهم يا رسولنا أي لهؤلاء الأعراب أتشعرون الله بدينكم. {يمنون عليك أن أسلموا}: أي كونهم أسلموا بون قتال وغيرهم أسلم بعدَ قتالٍ. {قل لاتمنوا عليَّ إسلامكم}: أي لا حق لكم في ذلك بل الحق لله الذي هداكم للإِيمان إن كنتم صادقين في دعواكم أنكم مؤمنون. {إن الله يعلم غيب السموات}: أي ان الله يعلم ما غاب في السموات وما غاب في الأرض فلا يخفى عليه أَمرُ مَن صدقَ في إيمانه وأمرُ مَن كذب، ومن أسلم رغبة ومن أسلم رهبة. .معنى الآيات: وقوله غفور رحيم في هذه الجملة ترغيب لهم في الإِيمان الصادق والإِسلام الصحيح فأعلمهم أن الله تعالى غفور للتائبين رحيم بهم وبالمؤمنين قتوبوا إليه واصدقوه يغفر لكم ويرحمكم وقوله تعالى في الآية (15): {إنما المؤمنون} أي حقا وصدقا الذين آمنوا بالله ربّاً وإلها ورسوله نبيا مطاعا، ثم لم يرتابوا، أي لم يشكوا ابدا في صحة ما آمنوا به، وجاهدوا أي أنفسهم فألزموها الاستعداد للنهوض بالتكاليف الشرعية في المنشط والمكره، كما جاهدوا بأموالهم وأنفسهم أعداء الإسلام من المشركين والكافرين وذلك الجهاد بالنفس والمال لا هدف له إلا طلب رضا الله سبحانه وتعالى أي لم يكن لأي غرض مادية دنيوي، وإنما لرضا الله ولإِعلاء كلمة الله هؤلاء هم الصادقون في دعوى الإِيمان وقوله تعالى في الآية (16): {قل أتعلمون الله بدينكم} أي قل يا رسولنا لأولئك الأعراب الذين قالوا آمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبهم أتعلّمِون الله بدينكم أي بإِيمانكم وطاعتكم وتشعرونه بهما والحال أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض، والله بكل شيء عليم إنه لا معنى لتعليمكم الله بدينكم وهو يعلم ما في السموات وما في الأرض وهو بكل شيء عليم إنه مظهر من مظاهر جهلكم بالله تعالى، إذ لو علمتم انه يعلم ما في السموات وما في الأرض من دقيق وجليل لما فهتم بما فهتم به من إشعاركم الله بإِيمانكم وطاعتكم له. وقوله تعالى في الآية (17): {يمنون عليك أن أسلموا} أي يمّن أولئك الأعراب عليك يا رسولنا إيمانهم إذ قالوا آمنا بك ولم نقاتلك كما فعل غيرنا قل لهم لا تمنوا عليَّ إسلامكم واضرب عن هذا وقل لهم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإِيمان إن كنتم صادقين في دعواكم الإِيمان، فالمنة لله عليكم لا أن تمنوا أنتم على رسوله. قوله تعالى: {إن الله يعلم غيب السموات والأرض} أي كل ما غاب في في حاجة أن تعلموه بدينكم وتمنونه على رسوله صلى الله عليه وسلم والله بصير بما تعملون من عمل قلَّ أو كثر خفيَّ أو ظهر فاعلموا هذا وتأدبوا مع الله وأحسنوا الظن فيه تنجو من هلاك لازم لمن أساء الظن بالله وأساء الأدب مع رسوله الله. .من هداية الآيات: 2- بيان الفرق بين الإِيمان والإِسلام إذا اجتمعا فالإِيمان أعمال القلوب والإِسلام من أعمال الجوارح. وإذا افترقا فالإِيمان هو الإِسلام، والإِسلام هو الإِيمان والحقيقة هي أنه لا يوجد إيمان صحيح بدون إسلام صحيح، ولا إسلام صحيح بدون إيمان صحيح، ولكن يوجد اسلام صوري بدون إيمان، وتوجد دعوى إيمان كاذبة غير صادقة. 3- بيان المؤمنين حقا وهم الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم. 4- بيان حكم المنّ وأنه مذموم من الإِنسان ومحمود من الرحمن عز وجل وحقيقة المن هي عد النعمة وذكرها للمنعم عليه وتعدادها المرة بعد المرة. 5- بيان إحاطة علم الله بسائر المخلوقات، وأنه لا يخفى عليه من أعمال العباد شيء. .سورة ق: .تفسير الآيات (1- 5): .شرح الكلمات: {والقرآن المجيد}: أي والقرآن المجيد أي الكريم قَسَمِي لقد أرسلنا محمدا مبلغا عنا. {بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم}: أي بل عجب أهل مكة من مجيء منذر أي رسول منهم ينذرهم عذاب الله يوم القيامة. {فقال الكافرون هذا شيء عجيب}: أي فقال المكذبون بالعبث هذا أي البعث بعد الموت والبلى شيء عجيب. {أئذا متنا وكنا ترابا}: أئذا متنا وصرنا ترابا أي رفاة وعظاما نخرة نرجع أحياء. {ذلك رجع بعيد}: أي بعيد الإِمكان في غاية البعد. {قد علمنا ما تنقص الأرض منهم}: أي قد أحاط علمنا بكل شيء فعلمنا ما تنقص الأرض من أجساد الموتى وما تأكل من لحومهم وعظامهم فكيف يستبعد منا إحياؤهم بعد موتهم. {وعندنا كتاب حفيظ}: أي كتاب المقادير الذي قد كتب فيه كل شيء ومن بين ذلك أعداد الموتى وأسماؤهم وصورهم وأجسامهم ويوم إعادتهم. {بل كذبوا بالحق لما جاءهم}: بل كذب المشركون بما هو أقبح من تكذبيهم بالبعث وهو تكذيبهم بالنبوة المحمدية وبالقرآن ومن نزل عليه. {فهم في أمر مريج}: أي مختلط عليهم فهم فيه مضطربون لا يثبتون على شيء إذ قالوا مرة سحر ومرة قالوا شعر ومرة كهانة وأخرى أساطير. .معنى الآيات: أي أمر يدعو إلى التعجب إذ من مات وصار ترابا لا يعقل أن يبعث مرة أخرى فيُسأل ويحاسب ويجزي وقد أفصحوا عن معتقدهم {أئذا متنا وكنا تراباً} ذلك الرجوع إلى الحياة رجوع بعيد التحقيق. قال تعالى: {قد علمنا ما تنقص الأرض منهم وعندنا كتاب حفيظ} هذه برهنة واضحة على إبطال دعواهم وتحقيق عقيدة البعث أي قد علمنا ما تنقص الأرض منهم بعد الموت من لحم وعظم، وعندنا كتاب حفيظ قد حوى كل شيء وحفظه مادة وكميَّة وكيفية بمقتضاه يعود الخلق كما بدأ لا ينقص منه شيء وقوله: {بل كذبوا بالحق لما جاءهم} أي إن هناك ما هو أشنع من إنكاهرم وأقبح عقلا وهو تكذبيهم بالقرآن ومن أنزل عليه وهو الحق من الله فلذا هم فيه في أمر مريج أي مختلط فمرة قالوا في الرسول إنه ساحر وقالوا شاعر وقالوا مفتر كذاب وقالوا في القرآن أساطير الأولين فهم حقا في أمر مريج مختلط عليهم لا يدرون ما يقولون ويثبتون عليه. .من هداية الآيات: 2- تقرير البعث والوحي الإِلهي. 3- البرهنة الصحيحة الواضحة على صحة البعث والجزاء وإمكانهما. 4- تقرير عقيدة القضاء والقدر بتقرير كتاب المقادير. .تفسير الآيات (6- 11): .شرح الكلمات: {كيف بنيناها وزيناها}: أي كيف بنيناها بلا عمد. وزيناها بالكواكب. {وما لها من فروج}: أي وليس لها من شقوق تعيبها. {والأرض مددناها}: أي بسطناها. {وألقينا فيها رواسي}: أي جبالا رواسي ثوابت لا تسير ولا تتحرك مثبتة للأرض كي لا تميد بأهلها. {وأنبتا فيها من كل زوج بهيج}: أي وأنبتنا في الأرض من كل صنف من أنواع النباتات حسن. {تبصرة وذكرى لكل عبد منيب}: أي جعلنا تبصرة وذكرى منا لكل عبد منيب إلى طاعتنا رجاع إلينا. {ونزلنا من السماء ماء مباركا}: أي ماء المطر كثير البركة. {فأنبتا به جنات وحب الحصيد}: أي أنبتنا بماء السماء بساتين وحب الحصيد أي المحصود من البر والشعير. {والنخل باسقات}: أي وأنبتنا بالماء النخيل الطوال العاليات. {لها طلع نضيد}: أي لها طلع متراكب بعضه فوق بعض. {رزقا للعباد}: أي انبتنا ما أنبتنا من الجنات والحب الحصيد والنخل الباسقات قوتا للعباد ورزقا لهم مؤمنهم وكافرهم. {وأحيينا به بلدة ميتا}: وأحيينا بذلك الماء الذي أنزلناه بلدة ميتا لا نبات فيها من الجدب الذي أصابها والقحط. {كذلك الخروج}: أي كما أخرجنا النبات من الأرض الميتة بالماء نخرجكم أحياء من قبوكم يوم القيامة بماء ننزله من السماء على الأرض فتنبتون كما ينبت البقل. .معنى الآيات: إنها كما قال تعالى: {لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور}. .من هداية الآيات: 2- مشروعية النظر والاعتبار فيما يحيط بالإِنسان من مظاهر الكون والحياة للعبرة طلبا لزيادة الإِيمان والوصول به إلى مستوى اليقين. 3- فضل العبد المنيب وفضيلة الإِنابة إلى الله تعالى والمنيب هو الذي يرجع إلى ربه في كل ما يهمه والإِنابة التوبة إلى الله والرجوع إلى طاعته بعد معصيته. .تفسير الآيات (12- 15): .شرح الكلمات: {وأصحاب الرس وثمود}: أي وكذب أصحاب الرس وهي بئر كانوا مقيمين حولها يعبدون الأصنام وثمود وهم أصحاب الحجر وقوم صالح. {وعاد وفرعون}: وكذبت عاد قوم هود، وكذب فرعون موسى عليه السلام. {وإخوان لوط وأصحاب الأيكة}: أي وكذب قوم لوط أخاهم لوطا، وكذب أصحاب الأيكة شعيبا. {وقوم تبع}: أي وكذب قوم تبع الحميري اليمني. {كل قد كذب الرسل}: أي كل من ذكر قد كذب الرسل فلست وحدك المكذَّب يا محمد صلى الله عليه وسلم. {فحق وعيد}: أي فوجب وعيدي لهم بنزول العذاب عليهم فنزل فهلكوا. {أفعيينا بالخلق الأول}: أي أفعيينا بخلق الناس أولا والجواب لا إذاً فكيف نعيى بخلقهم ثانية وإعادتهم كما كانوا؟. {بل هم في لبس من خلق جديد}: أي هم غير منكرين لقدرة الله عن الخلق الأول بل هم في خلط وشك من خلق جديد لما فيه من مخالفة العادة وهي أن كل من مات منهم يرونه يفنى ولا يعود حيّاً. .معنى الآيات: وقوله تعالى: {أفعيينا بالخلق الأول} والجواب لا إذ الاستفهام للنفي أي لم يَعْيَ الله تعالى بخلق كل ما خلق الملائكة والإنس والجن فكيف إذاً يعيى بالإعادة وهي أهون من البدء والبداية، وقوله تعالى: {بل هم في لبس من خلق جديد} أي انهم غير منكرين لقدرتنا على الخلق الأولى بل هم في لبس أي خلط وشك من خلق جديد لما فيه من مخالفة العادة حيث هم يرون الناس يموتون ولا يحيون. .من هداية الآيات: 2- تهديد المصرين على التكذيب من كفار قريش بالعذاب إذ ليسوا بأفضل من غيرهم وقد أهلكوا لما كذبوا. 3- تقرير البعث والجزاء وإثبات عقيدتهما بالأدلة العقلية كبدء الخلق. 4- ضعف إدراك المنكرين للبعث لظلمة نفوسهم بالشرك والمعاصي. .تفسير الآيات (16- 22): .شرح الكلمات: {ونعلم ما توسوس به نفسه}: أي ونعلم ما تحدث به نفسه أي نعلم ما في نفسه من خواطر وإرادات. {ونحن أقرب إليه حبل الوريد}: أي نحن بقدرتنا على الأخذ منه العطاء والعلم بما يُسر ويُظهر أقرب إليه من حبل الوريد الذي هو في حلقه. {إذ يتلقى المتلقيان}: أي نحن أقرب إليه من حبل الوريد إذ يتلقى المتلقيان عمله فيكتبانه. {عن اليمين وعن الشمال قعيد}: أي أحدهما عن يمينه قعيد والثاني عن شماله قعيد أيضا. {ما يلفظ من قول}: أي ما يقول من قول. {إلا لديه رقيب عتيد}: أي إلا عنده ملك رقيب حافظ عتيد حاضر معد للكتابة. {ما يلفظ من قول}: أي ما يقول من قول. {وجاءت سكرة الموت بالحق}: أي غمرة الموت وشدته بالحق من أمر الآخرة حتى يراه المنكر لها عيانا. {ذلك ما كنت منه تحيد}: أي ذلك الموت الذي كنت تهرب منه وتفرغ. {ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد}: أي ونفخ في الصور الذي هو القرن ذلك يوم الوعيد للكفار بالعذاب. {معها سائق وشهيد}: أي معها سائق يسوقها إلى المحشر وشهيد يشهد عليها. {لقد كنت في غفلة من هذا}: أي من هذا العذاب النازل بك الآن. {فكشفنا عنك غطاءك}: أي أزلنا عنك غفلتك بما تشاهده اليوم. {فبصرك اليوم حديد}: أي حاد تدرك به ما كنت تنكره في الدنيا من البعث الجزاء. .معنى الآيات: ولفظ قعيد معناه قاعد كجليس بمعنى مجالس أو جالس، وقوله تعالى: {ما يلفظ من قول} أي ما يقول الإِنسان إلا لديه رقيب عتيد أي إلا عنده ملك رقيب حافظ، وعتيد حاضر لا يفارقانه مدى الحياة إلا أنهما يتناوبان ملكان بالنهار، وملكان بالليل ويجتمعون في صلاتي الصبح والعصر وقوله تعالى: {وجاءت سكرة الموت بالحق} أي وإن طالب العمر فلابد من الموت وها هي ذي قد جاءت سكرة الموت أي غمرته وشدته بالحق من أمر الآخرة حتى يراه المنكر للبعث والدار الآخرة المكذب به يراه عياناً. {ذلك ما كنت منه تحيد} أي يقال له هذا الموت الذي كنت منه تحيد أي تهرب وتفزع. وقوله تعالى: {ونفخ في الصور} أي نفخ إسرافيل في الصور أي القرن الذي قد التقمه وجعله في فيه من يوم بعث النبي الخاتم نبيّ آخر الزمان محمد صلى الله عليه وسلم وهو ينتظر متى يؤمؤ فينفخ نفخة الفناء ذلك أن يوم ينفخ في الصور هو يوم الوعيد بالعذاب للكافرين، وفعلا نفخ في الصور نفخة البعث بعد نفخة الفناء {وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد} أي ملك يسوقها إلى المحشر وملك شاهد يشهد عليها. ويقال لذلك الذي جاء به سائق يسوقه وشاهد يشهد عليه لقد كنت في غفلة من هذا أي كنت في الدنيا غفلة عن الآخرة وما فيها وغفلتك من شهواتك ولذَّاتك وغرورك بالحياة الدنيا من هذا العذاب النازل بك الآن فكشفنا عنك غطاءك أي أزلنا عنك غفلتك بما تشاهده اليوم عيانا بيانا من ألوان العذاب فبصرك اليوم حديد أي حاد تدرك به وتبصر ما كنت تكفر به في الدينا وتُنكرهُ. .من هداية الآيات: 2- تقرير عقيدة أن لكل إنسان مكلف ملكين يكتبان حسناته وسيئاته. 3- بيان أن للموت سكرات قطعا اللهم هون علينا سكرات الموت. 4- ساعة الاحتضار يؤمن كل إنسان بالدار الآخرة إذ يرى ما كان ينكره يراه بعينه. 5- تقرير عقدية البعث والجزاء بعرض بعض أحوال وأهوال الآخرة.
|